بدأت كحرب تجارية بالأساس، وامتدت لحرب سيطرة واستحواذ. هي حرب إستطاعت معها الآلة العسكرية الحديثة للإنجليز أن تهيمن علي التنين الصيني الذي كان يصارع شيخوخته لقرون.
وبالرغم أن الأحداث جرت في القرن ال ١٩ إلا أنه يظهر فيها وبشده الدور الكبير والخبيث الذي لعبه الإستعمار الانجليزي وبمساعدة وتمهيد بعض الشركات العابرة للقارات التي كانت مجرد واجهات مؤسسية له يعني الموضوع بدأ بشركة وانتهي بإحتلال.
من الطريف أنه من أسباب هذه الحرب حب الإنجليز للشاي لدرجة إدمانه وحب ملايين الصينيين للأفيون وبالطبع إدمانه...
هي حرب بل حروب عدة إنتهت بتوقيع مجموعة من معاهدات الإذعان فقدت معها الصين كرامتها وأراضيها وكذلك الكثير من الأموال والدماء.
تعالوا معاً لنتعرف علي حرب الأفيون وأسبابها وكذلك نتائجها التي يمتد تأثيرها العميق حتي يومنا هذا أي بعد الأحداث ب ١٨٠ سنة.
بدأت التجارة بين الصين وأوروبا تتعاظم في القرن ال ١٦ مع بداية التقدم الأوروبي وتوسع أساطيل البرتغال وأسبانيا وإنجلترا وسهولة الوصول إلي سواحل آسيا.
كانت التجارة بداية في البضائع التقليدية الصينية كالحرير والخزف الصيني وسرعات مااتسعت مع إكتشاف الأوروبيون للشاي في الصين وتعلقهم به بل وإدمانه خصوصا الإنجليز... خلق ذلك عجزا في الميزان التجاري بين الصين والإنجليز خصوصا أن العملة الوحيدة التي كان يقبلها الصينيون هي الفضة وهو مالم يكن متوفرا للإنجليز بسهولة. أيضا كان المنفذ الوحيد الذي يستطيعون شراء الشاي منه هو مدينة كانتون علي نهر اللؤلؤ في الساحل الصيني الجنوبي (الآن هي مدينة جوانجچو)، وكانوا لايستطيعون الشراء مباشرة من المنتجين بل وجب عليهم التعامل حصريا مع سماسرة صينيون يعرفون بال كوهونج مما كان يزيد تكلفة شراء الشاي.
إستغل الإنجليز سيطرتهم علي أجزاء من أراضي الهند بواسطة شركة شرق الهند البريطانية وبالتالي سهولة وصولهم إلي الأفيون الذي كان موجودا بوفرة فيها لصالحهم أفضل إستغلال. إستطاع الإنجليز عن طريق تجارهم توريد وأحيانا تهريب آلاف الأطنان من الأفيون إلي الصين ومعه زاد عدد مدخنيه أو مدمنيه في الصين إلي حوالي ١٢ مليون سنة ١٨٣٠ وكان الإنجليز يحصلون مقابله فضة، والتي كانوا يستخدمونها لشراء الشاي وبالتالي تم تقليل العجز في الميزان التجاري بين البلدين.
فاض الكيل بالسلطات المركزية للصين من تفشي الأفيون في البلاد فأرسل إمبراطور الصين المفوض والحاكم العام لين زو شو إلي كانتون أواخر سنة ١٨٣٨ ليحل المشكلة فأصدر الأخير أمرا بإعدام كل من يضبط معه الأفيون سواء كان تاجرا أو مدخنا وأيضا قام بمصادرة الأفيون من التجار الإنجليز واستطاع تجميع ألف طن منه قيمتها حوالي ٢ مليون جنيه إنجليزي وتم تدميره في مشهد شهير.
إستشاط غضب التجار الإنجليز ولجؤوا إلي حكومتهم لتعويضهم،إنتهي الأمر بموافقة البرلمان الإنجليزي علي إرسال وفد إلي إمبراطور الصين للمطالبة بتعويضات، إلي جانب عدد من المطالب الأخري التي كانت تبدو غير منطقية مثل إنهاء سيطرة الكوهونج علي التجارة وإعطاء الإنجليز جزيرة علي مصب نهر اللؤلؤ حتي يسهل عليهم تخزين بضائعهم وخلافه .
بدأ الوفد رحلته مدعوما بقطع من الأسطول البريطاني ومئات الجنود من مصب النهر متجهين شمالا وسيطروا في طريقهم علي عشرات الحاميات والمدن الصغيرة. لم يعلم إمبراطور الصين داو جوانج بوجود الحملة ولا إنتصارتها ولا تقدمها ناحيته إلا متأخرا.
وصل الأسطول إلي كانتون وبدأ قصفها بالمدافع وأجبرت المدينة علي دفع ٦ مليون جنيه للإنجليز حتي يوقفوا القصف.
ترك الأسطول كانتون واتجه لبحر الصين شمالا حتي وصل شنجهاي ومنها إلي چيچيانج خلال نهر اليانجتزي ودمروا كثيرا من أحياء المدينة وقتلوا خلقا كثيرا.
أُسقط في يد الإمبراطور وأجبر علي توقيع معاهدة نانكينج سنة ١٨٤٢ مع البريطانيين والتي بموجبها دفع الصينيون ٢٠ مليون دولار فضي تعويضات، وأنهوا دور سماسرة الكوهونج، وفتحوا أربعة موانئ أخري للتجارة بجانب كانتون منها شنجهاي ، وأخيرا والأهم تنازلوا عن جزيرة هونج كونج وهو مالم يكن يحلم به الإنجليز.
أنهت هذه المعاهدة الحرب ولكنها لم تنهي الصراع حيث تفجر مرة أخري بين سنة ١٨٥٦ و١٨٦٠ وهذه المرة شاركت فرنسا بريطانيا الحرب ضد الصين وهو ماأفضي لمعاهدات أخري مع الصين تنازلت الصين فيها عن المزيد والمزيد.
عادت هونج كونج إلي الصين سنة ١٩٩٧ ولكن هل إنتهي الصراع ؟ لاأعتقد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق