في تلك الفترة التي ولد فيها (تشارلز)، كانت أوروبا غارقةً في صراعٍ سياسي على الحكم، حيث حاولت عائلة (هابسبورغ) النمساوية السيطرة على القارة بأكملها، وكان هدفها الأول هو الاستيلاء على العرش الفرنسي. وبالفعل، فقد سيطرت على أجزاءٍ كبيرة من أوروبا، حيث حكمت إسبانيا وهولندا وبلجيكا وأجزاءً من ألمانيا.
للأسف لم يكن (تشارلز الثاني) قادراً على حكم اسبانيا وجاراتها بشكل مناسب، ليس بسبب منظره القبيح فحسب، بل لأنه كان مشوهاً جسدياً، وضعيفا فكرياً أيضا، وهذا التشوه كان نتيجة زواج الأقارب لمدة ستة عشر عاماً.
كانت عائلة (هابسبورغ) عازمة على الاحتفاظ بالسلطة، فكان الحل بالنسبة لهم هو الزواج من أقاربهم وإنجاب ورثة للعرش من نسلٍ ملكي نقي، إن لم تشعر بعد بالأسى على (تشارلز)، فإليك بالمزيد:
كانت أبرز ملامح الملك هي فكه، والذي بات يعرف بفك آل (هابسبورغ)، حيث كان شكل الفك صفة العائلة المميزة على ما يبدو، ولكنها ليست بتلك الصفة الجميلة، حيث كان فك أسنان (تشارلز) السفلي بعيدا جداً عن فكه العلوي، لدرجة أنه لم يكن قادرا على مضغ طعامه، وكان لسانه ضخماً جداً فبالكاد كان يستطيع الكلام، ولم يكن قادرا على المشي إلى أن اكتمل نموه، وبعيداً عن المظاهر، لم تهتم عائلة الملك بتعليمه، فقد كان أميّاً يعتمد دائما على من حوله.
تزوج (تشارلز الثاني) من زوجته الثانية (ماري آن من نويبورغ) بعد أسابيع قليلة من وفاة زوجته الأولى. كان لوالدي (ماري آن) ثلاثة وعشرون طفلاً، ولكن إن كنت تتوقع أن يرزق (تشارلز) بطفل واحدٍ على الأقل مع زوجته الجديدة فأنت مخطئ.
والمفارقة المثيرة للسخرية، هي اعتقاد عائلة (هابسبورغ) أن نسلها لن ينجو إلا بزواج الأقارب، هذه الفكرة التي استمرت على الأقل لقرنين من الزمن هي سبب فشل العائلة في الحصول على وريثٍ للعرش، وانتهاء عهدها.
توفي الملك الإسباني (تشارلز الثاني) في عام 1700 بعد معاناته مع العديد من التشوهات والأمراض التي دامت 39 سنة. تسبب موته بدون إنجاب وريثٍ في حرب استمرت 12 عاماً في أوروبا (حرب الخلافة الاسبانية)، والتي انتهى فيها عهد آل (هابسبورغ) في إسبانيا، حيث ورث بعدها (فيليب دوق أنجو)، حفيد الملك الفرنسي (لويس الرابع عشر)، العرش عن (تشارلز الثاني)، فأصبح الملك الرسمي لإسبانيا وعرف باسم (فيليب الخامس).
0 التعليقات:
إرسال تعليق